المغرب وموريتانيا يُطبعان العلاقات ويطويان صفحة الماضي الأليم
زنقة 20
شهدت العلاقات المغربية الموريتانية خلال الفترة الأخيرة دينامية قوية تجسدت بالأساس في الزيارات المتبادلة لمسؤولين من مستوى رفيع بالبلدين، بغرض توطيد التعاون المثمر وتحقيق التنمية المنشودة لشعبي البلدين الشقيقين.
وتأتي الزيارة التي باشرها وزير الشؤون الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار يوم الأربعاء، إلى نواكشوط، لتكرس الرغبة الأكيدة التي تحدو مسؤولي المغرب وموريتانيا للدفع بعلاقاتهما بما يخدم مصالحهما المشتركة على مختلف الأصعدة، وهو الأمر الذي تمليه روابط التاريخ والجغرافيا القائمة بينهما باعتبارهما بلدين جارين، وكذا التحديات المشتركة التي يواجهانها وعلى رأسها التحدي الأمني.
كما تأتي زيارة الوزير إلى موريتاني، بعد حوالي أسبوع من الزيارة التي أجراها وزير الداخلية واللامركزية في الجمهورية الإسلامية الموريتانية محمد ولد أحمد سالم ولد محمد راره على رأس وفد هام إلى المملكة، والتي أجرى خلالها مباحثات مع رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران ووزير الشؤون الخارجية والتعاون، ولقاء مع وزير الداخلية محمد حصاد والوزير المنتدب لدى وزير الداخلية الشرقي الضريس.
وكما جاء علىلسان الوزير الموريتاني في تصريح للصحافة بالمناسبة، فإن لقاءه بنظيره المغربي يندرج في إطار التعاون الأخوي المشترك بين البلدين الشقيقين، المملكة المغربية والجمهورية الإسلامية الموريتانية، وفي إطار التعاون الأمني والتعاون المشترك من أجل تعزيز العلاقات الثنائية طبقا لتوجيهات فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز والملك محمد السادس.
وبالفعل، فقد شكلت هذه الزيارة، حسب بيان مشترك صدر بالمناسبة، “لبنة جديدة في صرح علاقات التعاون المثمر بين البلدين، المبنية على أواصر الأخوة والجوار، وعربونا لمتانة العلاقات الأخوية التي تجمع بين الملك محمد السادس، والرئيس محمد ولد عبد العزيز”.
وتمخض عن لقاء الوفدين رفيعي المستوى قرارات عملية تصب في هذا الاتجاه، حيث أكد الطرفان عزمهما تعزيز التعاون في المجال الأمني من خلال بلورة اتفاق يهم محاربة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، والإرهاب، والهجرة السرية، والاتجار في المخدرات، وكذا تكثيف المعلومات والخبرات بين الوزارتين.
كما اتفق الطرفان خلال هذا اللقاء، في مجال التكوين وتعزيز القدرات، على إعداد وتنفيذ برامج لتبادل الخبراء وعقد دورات تكوينية مشتركة، وكذا تكوين الأطر الموريتانية بكل من المعهد الملكي للإدارة الترابية والمعهد الملكي للشرطة.
وأكد الجانبان أيضا على تفعيل اتفاق التعاون في مجال الوقاية المدنية، الموقع بالرباط في سنة 2004، وعلى تعزيز التعاون اللامركزي بين الجماعات الترابية في البلدين عبر تبادل الخبرات في مجال الحكامة المحلية الجيدة وتدعيم قدرات الإدارة الترابية والمنتخبين.
وإذا كان نجاح زيارة الوفد الموريتاني إلى الرباط، والزيارة التي يبدأها السيد مزوار إلى نواكشوط اليوم، يبرزان رغبة قائدي البلدين في الارتقاء بعلاقات البلدين إلى “علاقات استراتيجية للتعاون”، فإن من شأن هذه الدينامية الجديدة أن تقدم نموذجا خلاقا لأهمية التعاون الثنائي في مختلف المجالات في رفع التحديات التي تواجه المنطقة، وخاصة على المستوى الأمني.
كما ستكرس هذه الدينامية حقيقة مفادها أن تحقيق التنمية التي تنشدها شعوب المنطقة عامة والمغرب العربي على وجه الخصوص، إنما يمر عبر تفعيل آليات التكامل والاندماج، وتجاوز المعيقات، وخاصة المفتعل منها. وهو المسعى الذي ما فتئ الملك يحث عليه في خطاباته ورسائله.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى ما عبر عنه الملك في الخطاب السامي الذي وجهه عاهل البلاد إلى الأمة بمناسبة الذكرى الرابعة عشر لاعتلاء جلالته عرش أسلافه الميامين حيث قال إن المغرب ظل “يتطلع إلى انبثاق نظام مغاربي جديد، يمكن دوله الخمس، من بناء مستقبل مشترك، تجسده على أرض الواقع آليات التكامل والاندماج، وحرية الانتقال للأشخاص والأموال والممتلكات، بعيدا عن افتعال المعيقات، وفرض الشروط، وذلك في تناغم مع التغيرات التي عرفتها الساحة الإقليمية”.