مركز الحروق في البيضاء.. "لحم بشري مشوي" وإهمال لنزلاء ثكلى
زنقة 20
بالكاد يحافظ على رشدهم زوار المركز الوطني للحروق وجراحات التجميل والتقويم بالمستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، إذ لم يعد غير بناية تحوي بين جدرانها نزلاء يئنون من حرقة مصابهم ولا حياة لمن تنادي.
كانت الساعة تشير إلى الخامسة والنصف مساء الاثنين 27 أكتوبر 2014، وجلبة زوار المرضى في هذا المركز بدأت تعم البناية الواطئة والمطلية جدرانها باللون الوردي.
في هذا المكان "العبق" برائحة "اللحم البشري المشوي" لا شيء يبسط هيمنته كما الألم والأنين الذي يعتصر نزلاءه الثكلى والملئى صدورهم بشكايات تتطابق حول الإهمال والتقصير الذي يطالهم.
وإذ تشير لافتة رخامية مثبتة في مدخل المركز أنه جرى تدشينه من قبل الملك محمد السادس في 28 مارس 2006، فإن الحال وبعد ثمان سنوات ونيف على هذا التدشين يشي بالكثير من الإهمال الذي طال أيضا البناية حتى أصبحت أشبه بمستودع لحرقى تتربص بهم المنون بين الفينة والأخرى.
وتكون أسمعت لو ناديت حيا لكن لا حياة لمن تنادي في هذا المركز الخاوي إلا من أسرة مرضى لا تند عن أفواههم غير الحوقلة والأنين وزوارهم المتحلقين حولهم وأعينهم تذرف الدمع الهتون.
أما الأطباء والممرضون فقد اختفوا من هذا المركز والوقت موعد الزيارة المسائية لأنه مناسبة غير مرغوبة من لدن هؤلاء حين يتم تقريعهم مرارا على الإهمال الذي يطال المرضى دون جدوى.
وفضلا عن تداعي بلاط أرضية المركز، مراحيض امتلأت عن بكرة أبيها بفضلات البشر مما وثق في المكان زواجا كاثوليكيا بين روائح كريهة تنبعث منها وروائح الحروق التي تفشت في أجساد المرضى.
وفي الغرفة المفتوحة على مصراعيها والمدعوة بـ"العناية المركزة"، والبالغ مجموع أسرتها ثمانية، فبلاغة الخيبة من سوء المعاملة الطبية ترتسم على وجوه نزلائها بينما كان أحدهم وهو شيخ يحتضر دون سميع ولا مجيب غير الله.
وقال أحد المرضى بصوت متهالك إن القائمين على العلاج يسومونه سوء المعاملة، وقد ترك على حاله مسجى فوق السرير حتى اكتشف أن "الدود" بدأ يرتع في الحروق التي تغطي جسده بالكامل.
وأفاد ثان بأن الطبيب المشرف عليه يخبره بإجراء عملية له في الغد ويطالبه بالصوم لكن في آخر ساعات اليوم يتم تأجيل العملية وهو الأمر الذي تكرر مرار ولحد الساعة.
ولم نستطع لقاء مدير المركز لم تستطع لغيابه، فيما ظل هاتف مصطفى الردادي المدير الجهوي للصحة في جهة الدار البيضاء يرن صباح اليوم الثلاثاء دون مجيب.