ماهي دوافع أغلب المغاربة الملتحقين بـ"داعش"؟
زنقة 20
بـقـلـم: عبد الله أموش
أظهر بحث ميداني حول “المواصفات السوسيوديمغرافية للشباب المقاتل بسوريا والعراق والمنحدرين من شمال المغرب”، أن أزيد من 57 بالمائة من المقاتلين في سوريا والعراق المنحدرين من شمال المغرب مستواها التعليمي ابتدائي، فيما 27 بالمائة مستواهم التعليمي إعدادي، و6 بالمائة ثانوي، و10 بالمائة جامعي.
وكشف بحث مرصد الشمال لحقوق الإنسان، حصل “جديد بريس” على نسخة منه، عن وقوف أسباب دنيوية بالدرجة الأساسية في التحاق الشباب المغاربة من الشمال بالتنظيمات الجهادية في سوريا والعراق، منها (تحقيق الذات، البحث عن البطولة والمغامرة، الرفاهية..). فيما تأتي العوامل الدينية (الجهاد، نصرة المستضعفين..) كأسباب ثانوية.
وبيّن البحث الأول من نوعه، أن 74 بالمائة من الملتحقين بالتنظيمات المقاتلة في سوريا والعراق من فئة اجتماعية متدنية تقطن أحياء هامشية (البراريك، كنديسة، حيضرة… في الفنيدق، حي أحريق والأغراس… بمرتيل، وجامع مزواق والمدينة القديمة بتطوان)، في حين 23 بالمائة فقط من المنتمين إلى الطبقة المتوسطة، وحالات أخرى تتعلق بالطبقة الميسورة.
كما كشف البحث عن هجرة العديد من المقاتلين من شمال المغرب (جهة طنجة تطوان، إقليم تطوان وعمالة المضيق الفنيدق )، رفقة أسرها (زوجة وأبناء). موضحا أن المنطقتين تعتبران “المصدر”الأكبر للمقاتلين لسوريا والعراق حيث يفوق عددهم وفق المعطيات التي يتوفر عليها مرصد الشمال لحقوق الإنسان ما بين 400 و500 شخص وهو ما يشكل حوالي ثلث المقاتلين واللذين تقدر عددهم السلطات المغربية بحوالي 1500 شخص.
وأكد البحث أن جميع المقاتلين لم ينخرطوا في أي حزب سياسي أو جمعية مدنية، فيما 10 بالمائة فقط هم من سبق وأن انخرطوا في الحركات الاجتماعية وهي حركة 20 فبراير ثم في الوقفات الاحتجاجية للجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين السياسيين التي كانت تنظم كل أسبوع بمدن تطوان، المضيق، الفنيدق ومرتيل… في حين 90 بالمائة لم يمارسوا أي نشاط ضمن هاتين الحركتين.
ولاحظ البحث أن 40 بالمائة من الملتحقين بسوريا تم استقطابهم بشكل تقليدي حسب ما أفاد به أقارب وأصدقاء المقاتلين، ويمثلون الجيل الأول الذي هاجر مباشرة بعد اندلاع الثورة السورية وإطلاق لنداء “النفير العام لأرض الشام”، حيث لوحظ تغيرات في سلوكاته . فيما 60 بالمائة يمثلون الجيل الثاني (2013 و2014) تم استقطابهم عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي.
وأوضح البحث أن هذه المرحلة تتميز بالتواصل والتفاعل المباشرة بين خلايا الاستقطاب الذي يقودها مغاربة بسوريا والعراق عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي، وتتميز هذه الطريقة بالانفلات من المراقبة الأمنية، وسرعة التواصل والتفاعل، وسهولة التغرير، ولا تبدأ مرحلة الشحن الإيديولوجي إلا بعد التحاقهم بمعسكرات متخصصة لذلك بسوريا والعراق قبل دمجهم بجبهات القتال.
وفي ما يتعلق بطرق الوصول للجبهات أكد البحث أن 90 بالمائة من العينة المبحوثة وصلت إلى سوريا عبر الطائرة مباشرة من مطار محمد الخامس بالدار البيضاء عبر تركيا بسبب غياب التأشيرة بين هذه الأخيرة والمغرب، في حين انتقل 3 بالمائة فقط عبر دول ومسارات أخرى نظرا لتوفرهم على بطاقة الإقامة باسبانيا، موضحا أن السلطات المغربية تعاملت في بداية الأمر بليونة معهم تزامن ذلك مع استضافتها لمؤتمر أصدقاء سوري في أواخر 2012.
وخلص البحث أن جميع الأشخاص الذين سافروا للجبهات المشتعلة لا تتعدى أعمارهم 30 عامًا، مشيرا إلى أن فئة الشباب (15_ 25) سنة تعتبر الفئة الأكثر استهدافا واستقطابا إلى سوريا والعراق نظرا للخصوصيات البسيكوسوسيولوجية التي تتميز بها هذه الفئة، موضحا أن “داعش” تعتبر الأكثر استقطابا للمقاتلين المغاربة، كما عرفت تغيير للولاء إليها من طرف المغاربة المنضوين تحت الحركات الأخرى (جبهة النصرة، حركة شام الإسلام) مرجعا ذلك إلى انتشارها ميدانيا، ونشاطها إعلاميا، وإغرائها للشباب بما تتيحه من مكاسب ومنافع، ودفع أجور للمقاتلين، كما أن وحشيتها تجعلها الأكثر مصداقية، مع جاذبية الخلافة.
وقال مولاي عمر بن حماد أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية الآداب بالرباط، في تعليقه على نتائج البحث إن الخلاصات التي توصل إليها البحث تأتي لتؤكد معطيات شبه معلومة من أن استقطاب الجماعات الإرهابية يستهدف الهوامش من المناطق المحرومة والفئات الهشة من الناحية الاجتماعية، والحالات التي لا تعرف استقرارا اجتماعيا، موضحا أن الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية ليس بغرض نشر الدين الإسلامي والدعوة إليه وإنما لأغراض دنيوية كما هو معلوم.
ودعا عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، إلى بذل المزيد من الجهود لتحصين الشباب المستهدف من ما سماه بـ”الطوفان الكاسح”، معتبرا أن ذلك الفكر لا مستقبل له، مطالبا الدعاة والعلماء وكل الهيئات الفاعلة إلى تضافر الجهود من أجل تحويل المقترحات والتوصيات الداعية إلى محاصرة الفكر المتطرف إلى برنامج عمل لتحصين الشباب، مشددا على ضرورة مواصلة جهود تعميم التعليم ومحاربة الهدر المدرسي وتفعيل دور المساجد والهيئات الأخرى.
وأوصت الدراسة بتبني إستراتيجية وطنية تتضمن مجموعة من الآليات العملية لمحاربة آفة التحاق الشباب المغربي بجبهات القتال ومناطق الصراع سواء حاليا أو مستقبلا، يشارك فيها إضافة إلى الجهات الرسمية، ومفكرون وخبراء ورجال دين، بالإضافة إلى تفعيل دور المجالس العلمية والمؤسسات الجامعية والتعليمية في الترويج لثقافة السلام والعدالة والتسامح العرقي واحترام جميع الأديان والقيم الدينية والثقافية عن طريق برامج للتثقيف والتوعية وذلك بالانفتاح أساسا على الفئات المهمشة بالمجتمع، علاوة على تبني سياسية تنموية قائمة على محاربة الإقصاء والتهميش الاجتماعي ومعالجة أسباب الهدر المدرسي والقضاء على الفقر وتحقيق التنمية المستدامة، والتوزيع العادل للثروات واحترام حقوق الإنسان.
واعتمدت الدراسة على الذكور كعينة للبحث فيما تم اختيار عينتين من الإناث فقط بسبب صعوبة تحديد النساء والفتيات اللواتي هاجرن لسوريا والعراق نظرا للتكتم الشديد من طرف عائلاتهن مخافة المتابعات الأمنية والقضائية.