مُعطيات مُثيرة وأرقام صادمة عن إنتشار 'زواج الفاتحة' بجبال الأطلس
زنقة 20 . وكاَلات
أرقام صادمة تلك التي أعلنت عنها مؤسسة "إيطو" لإيواء وإعادة تأهيل النساء ضحايا العنف، حيث كشفت أن 91 في المائة من الزيجات في قرى الأطلس الكبير والمتوسط بالمغرب غير موثقة لدى الجهات الرسمية، وأنها تمت تحت مسمى "زواج الفاتحة".
وأوردت مؤسسة "إيطو"، ضمن بحثها الميداني الذي قامت به بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة لحماية الطفولة، أن 52 في المائة هي نسبة زواج القاصرات من مجموع حالات الزواج بتلك المناطق الجبلية النائية.
وأفاد المصدر ذاته أن زواج القاصرات مقبول لديهم بنسبة 84 في المائة، وأغلب زيجات القاصرات تقع تحت ضغوط إجبارية، بينما 97 في المائة من المواطنين في المناطق النائية ليست لديهم دراية بقانون الأسرة.
وحملت المؤسسة التي تعنى بحقوق النساء المعنفات، جزءًا من مسؤولية تفشي زواج "الفاتحة" بدون عقود، والقبول بتزويج الفتيات القاصرات، إلى السلطات المحلية في تلك القرى الجبلية، خاصة أعوان السلطة لغضّهم الطرف عن بعض التجاوزات القانونية.
وعزت نجاة إخيش، رئيسة مؤسسة "إيطو" هذا الوضع المزري للمرأة في المناطق الجبلية النائية، إلى قصورٍ في إدراك الأسر لتبعات الزواج العرفي، وما يثيره من مشاكل قانونية، وأيضاً إلى تداعيات زواج القاصرات، تحت وطأة التقاليد المترسخة في تلك المناطق.
الجهل والحاجة
وأوضحت الناشطة النسائية بأن المشكلة تعود إلى تفريط العديد من الآباء بحقوق بناتهم، حيث يسعون غالباً إلى التخلص من أعبائهن المادية والأسرية، فيفضلون تسليمهن للزواج، في ظل أوضاعهم الاقتصادية السيئة، علاوة على جهل فادح بمضامين قانون الأسرة.
ولم يفت إخيش تحميل مسؤولية تفشي مثل هذه الزيجات، سواء الزواج العرفي أو الزواج بفتيات قاصرات، للدولة المغربية نفسها، لأنها معنية بشكل حاسم بتعليم أفراد المجتمع أينما كانوا، ومحاربة الفقر والهشاشة الاجتماعية، لكونها عوامل تدفع الأسر للتضحية بأبنائها.
طامو بنشاما، فتاة في السادسة عشرة من عمرها، وتنحدر من ضواحي خنيفرة بجبال الأطلس، كشفت في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أنها تزوجت منذ كان عمرها لا يتجاوز 14 عاماً، غير أنها لم تكمل سنتين في بيت زوجها حتى انتهى الوضع إلى طلاقها".
وقالت طامو إن "زواجها لم يكن برضاها، حتى أنها لم تكن لتجرؤ على إبداء رأيها بعد أن قرر أبوها تزويجها رغم أنها فتاة قاصر، ودون إبرام عقود أمام العدول، وإنما بقراءة الفاتحة فقط"، وأضافت أنها "شعرت ليلة ذهابها إلى بيت زوجها كأنها غير مرغوب فيها".
وسردت طامو كيف عاملها زوجها الذي كان يكبرها بأعوام عديدة، حيث تعرضت للعنف الجسدي والجنسي والمعنوي، مستغلا رغبة أسرتها في تزويجها بأية طريقة مثل عادات قريتها الأطلسية، مبينة أنها ليست الفتاة الوحيدة في قريتها التي تزوجت بدون أوراق ثبوتية".
ظلم مركّب
"الزواج بلا وثائق رسمية مشكلة قانونية كبيرة"، يقول المحامي نصر الدين زهير، لـ"العربي الجديد"، موضحاً أن زواجاً كهذا يمس بحقوق المرأة والأطفال خصوصاً، حيث يتعرضون لحيف يتعلق بأحوالهم الشخصية، من قبيل النفقة عند الطلاق أو الحضانة أو الإرث.
وتابع زهير بأن الزواج بالفاتحة تقليد اجتماعي انتشر في العديد من القرى النائية، غير أنه يتعين الحدّ منه بقوة القانون، وزجر كل من لا زال يتعامل به، وذلك في خضم حملة رسمية تقوم بها الدولة لمساعدة المتزوجين بالفاتحة على توثيق زيجاتهم، وانتشار الوعي عبر وسائل الإعلام المختلفة.
وأطلقت وزارة العدل المغربية، منذ مدة، حملة رسمية واسعة في القرى والمناطق النائية من أجل توثيق عقود الزواج، تطبيقاً للبند 16 من مدونة الأسرة المتعلق بثبوت الزوجية، وذلك بالتعاون مع العديد من هيئات ومنظمات المجتمع المدني.
وتحاول الدولة تسهيل إجراءات توثيق الزواج لآلاف الأزواج الذين تزوجوا عن طريق العادات الاجتماعية السائدة في بعض المناطق القروية والجبلية، اعتماداً على حفل زفاف يتضمن صداقاً بسيطاً، وتلاوة لسورة الفاتحة فقط، بلا وثائق رسمية تجعل الزواج معترفاً به.