باحثون يضعون الهجرات الأوروبية وجنوب الصحراء في المغرب تحت المجهر
زنقة 20
ناقشَ باحثون وفاعلون في الحقل الجمعوي من داخل المغرب ومن خارجه و ممثلين عن بعض المؤسسات الوطنية و الأجنبية، خلال أشغال المؤتمر الدولي الرابع حول موضوع الهجرات الأوروبية وجنوب الصحراء في المغرب، الديناميات السياسية الاقتصادية والاجتماعية الجديدة التي بات يعرفها المغرب كبلد استقبال الهجرة وما تفرضه هذه الأخيرة من استراتيجيات وطنية لتدبيرها مؤسساتيا و قانونيا.
كما تركزت مداخلات المشاركين في أشغال المؤتمر الدولي الذي إحتضنت فعاليته كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة مولاي إسماعيل بمكناس يوم الخميس 18 دجنبر2014، على الدفاع عن حقوق ومكتسبات المهاجرين بإعتبار المغاربة في بلدان الهجرة عانوا الأمرين من السياسات المعادية لحقوق المهاجرين.
بُوعياش تدعو إلى توسيع التفاعل مع الجامعات الأوروبية والإفريقية
تحدثت أمينة بوعياش، الكاتبة العامة للفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، عن التحولات السريعة والمستمرة التي باتت تعرفها الهجرة وانعكاس هذه الأخيرة على التحولات التي يعرفها المجتمع.
كما تناولت عناصر التلاقي والاختلاف بين الهجرات الأوروبية وهجرة دول ساحل الصحراء، مذكرة بمبدأ الهجرات وقواعد العولمة الاقتصادية والمالية و مدى تأثيرهما على المستوى الاجتماعي و الثقافي و اللغوي للمهاجر وعلى مستوى التعامل السياسي والقانوني مع الهجرة.
ودعت أمينة بوعياش إلى توسيع التفاعل والتعاون مع الجامعات الأوروبية و الإفريقية، من أجل تحقيق تفاعل أفضل، و بلورة مقاربة على أسس حقوقية تضمن تنقل الأشخاص دون المساس بحقوقهم الأساسية.
ميمون يُسلط الأضواء على الديناميات الهجروية في المغرب
سلطَ الباحث ميمون عزيزة، الأضواء على الديناميات الهجروية في المغرب، متحدثاً عن الهجرة الاسبانية إلى المغرب إبان الفترة الاستعمارية مبرزا جذور هذه الهجرة (التي تعود إلى نهاية القرن التاسع عشر) و تطورها مع إعلان الحماية الحماية على المغرب عام 1912. حيث ذكر بما تميزت به هذه الهجرة من خصائص كهجرة العمال و الفلاحين الفقراء الذين كان لهم اتصال مباشر و دائم بالمغاربة.
كما أشار الباحث في التاريخ بجامعة مولاي إسماعيل في عرضه إلى هجرة اللاجئيس السياسيين الأسبان، و يتعلق الأمر بالجمهوريين الذين غادروا الأسبان انطلاقا من عام 1940 بعد إعلان النظام الفرنكاوي بإسبانيا وقد استقروا في مدن عديدة مثل الدار البيضاءّ، الرباط، و جدة و مكناس.
المقاولة الأورو- مغربية في مجال السياحة بالمغرب
الباحث الانثروبولوجي الزبير شطو، تناولَ في عرضه حول المقاولة الأورو- مغربية في مجال السياحة بالمغرب، ظاهرة الاستثمار في مجال السياحة خاصة في المدن المغربية العتيقة من خلال تحليل العديد من نماذج المقاولات الأوروبية الصغرى و الهجرات عابرة الأوطان التي صاحبتها.
كما قدمَ في عرضه الآثار التي يخلفها هذا النوع من الاقتصاد في التشكيلة الاجتماعية والحضرية و الثقافية بهذه المدن المغربية التي أصبحت معروفة بجاذبيتها لهذا النوع من الاستثمار.
ظاهرة اعتناق الأوروبيين للإسلام
وتطرق الباحث في علم الاجتماع عزيز أحلوى، في عرضه إلى ظاهرة اعتناق الأوروبيين للإسلام و بالتحديد الإسلام الصوفي كأحد أبرز ما يميز حاليا أنماط الهجرات بين ظفتي البحر الأبيض المتوسط.
واعتبر الباحث بمعهد جاك بيرك، أن جديد هذه الحركية يكمن في توجه هؤلاء المهاجرون من شمال نحو جنوب البحر الأبيض المتوسط و ما يصاحب ذلك من بناء أشكال جديدة من أنماط السفر و الإقامة و الاندماج مع المجتمع المضيف كالمغرب.
المريزق يُقارن بين ظروف الحرب الأهلية في اسبانيا وسنوات الجمر والرصاص
و من جهته، قدم المريزق المصطفى منسق لجنة تنظيم المؤتمر العالمي الرابع للهجرة ومؤسس اللجنة التحضيرية لمرصد الهجرات الدولية وحقوق الإنسان عرضا تناول فيه أبرز وجوه التشابه بين ما شهدته أسبانيا من تحول جذري من بلد المهاجرين إلى بلد الهجرة و بين ما يشهده المغرب حاليا على هذا الصعيد، مذكرا بخلاصات بحثه في هذا المجال من خلال محاور أساسية تناولت عناصر التحولات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الحقوقية التي شهدها البلدين في فترات تاريخية محددة.
ولتعزيز مقارنته بين البلدين، تطرق الأستاذ الباحث في السوسيولوجيا الى ظروف الحرب الأهلية في اسبانيا و سنوات الجمر و الرصاص بالمغرب و ما طرأ فيما بعد من تحول ديمقراطي بالنسبة لإسبانيا و انتقال ديمقراطي بالنسبة للمغرب و ما نتج عن ذلك من انفتاح اقتصادي و سياسي و انفراج حقوقي، انعكس على دينامية الهجرات عابرة الأوطان.
هجرة الأوروبيين و"جنوب الصحراء"
الجزء الثاني من المؤتمر الدولي، سلط الضوء على هجرة الأوروبيين و "جنوب الصحراء" لفهم أفضل لتطور التنقل من الجنوب نحو الشمال. حيث جاءت مداخلة الأستاذ هرامي نورالدين، رئيس شعبة علم الاجتماع و الباحث الانثربولوجي بجامعة مولاء اسماعيل، لتسلط الضوء على الهجرات الفرنسية بالمغرب، و ذلك من خلال بحث ميداني ارتكز على مقاربات كيفية و كمية و دراسات أدبية شملت نزوح الفرنسيين الى المغرب.
كما تناولت هذه الدراسة أشكال تمثل المغاربة للفرنسيين، حيث اعتبر نور الدين هرامي أن هذا الموضوع يحتاج الى المزيد من الدراسة و البحث لمعرفة نتائج المقاربة الكمية التي شملت أزيد من 500 فرد، 450 منهم في العالم الحضري و 50 منهم يعيشون في العالم القروي.
مامادو يُبرز معانات المهاجرين الأفارقة في المغرب
و في المحور المتعلق بالمهاجرين "جنوب الصحراء" تطرق الفاعل الجمعوي مامادو يايا ديالو، رئيس جمعية "فيزة بلا حدود" الى وجود المهاجرين جنوب الصحراء بالمغرب عامة و بشماله خاصة.
كما قدم مدينة طنجة من خلال حي بوخالف نموذجا لموضوع مداخلته التي شملت جوانب متعددة متعلقة بالجانب القانوني و الاجتماعي و الثقافي، ليتوقف عند معانات فئات واسعة من هؤلاء المهاجرين من جراء العزلة و الهشاشة و غياب المساعدات الضرورية التي تشجع على الاندماج و الحماية الاجتماعية و الرعاية الطبية.
مونة يُقدم خلاصات مشروع دراسة اثنوغرافية
الباحث الانثربولوجي خالد مونة شاركَ في ذات المؤتمر بخلاصات مشروع دراسة اثنوغرافية ميدانية يشرف عليها حول "مجال معاش و متفاوض عليه و مجال متخيل: مسارات متقاطعة لمهاجرين إسبان و جنوب الصحراء"، قامت بها مجموعة بحث تظم كاترين تيريان و هرامي نور الدين و المريزق المصطفى.
مشروع هذه الدراسة يتناول مدينة طنجة كمجال مغلق للهجرة و مجال انتهت فيه مشاريع الهجرة لمواطنين قادمين من اسبانيا، و كيف تحولت طنجة من مدينة العبور الى مدينة الاستقرار؟ و كيف تتقاطع مشاريع الحياة و امتلاك المجال؟ و ما هي طبيعة الصراعات المجالية التي يعيشها المهاجرون القادمون من الشمال و الجنوب؟.
كما أبرز أستاذ الانثروبولوجيا بجامعة مولاي اسماعيل خصوصية هذا المشروع انطلاقا من مقاربة انثروبولوجية من أجل فهم تحول المغرب الى بلد الهجرة انطلاقا من مجال محدد و هو مدينة طنجة.
اللهيوي تتسائل عن موضوع طالبي اللجوء
و تناولت الباحثة الزهرة اللهيوي في مداخلتها سؤالا آنيا يتعلق بموضوع طالبي اللجوء في إطار الهجرة من الجنوب والشرق الأوسط.
وأوضحت رئيسة شعبة اللغة و الآداب الفرنسي ومنسقة "مجموعة البحث طانيت" بجامعة مولاي إسماعيل، أنه لحد الآن لا توجد أي سياسة واضحة المعالم و لا آلية قانونية تؤطر الهجرة، وهناك فقط مشاريع لم يتم لحد الآن تقديمها للبرلمان من أجل الدراسة والمصادقة.
الشارف يستعرض السياسات الجديدة المتعلقة بالهجرة
واستعرض الشارف محمد الباحث بجامعة ابن زهر ورئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بآكدير السياسات الجديدة المتعلقة بالهجرة، موضحا في معرض حديثه أن الأرقام الحقيقية التي يجب أخذها بعين الاعتبار أرقاما جد متواضعة و لا يحق لنا النفخ فيها، و بالتالي فموضوع تحول المغرب إلى بلد الهجرة يجب أخذه بنوع من الحذر.
كما أشار إلى الجهود المبذولة من طرف الدولة التي اختارت مقاربة شمولية سريعة في تعاطيها مع المهاجرين الوافدين على المغرب. و ختم مداخلته بالحديث عن القوانين و والمؤسسات التي أنشأت من أجل مواكبة هذا الوضع الجديد.
وإذا كانت الدراسات والأبحاث قد تناولت موضوع تحول المغرب من بلد مصدر للهجرة إلى بلد مستقبل لها كذلك، من زاوية مقاربات متعددة أحاطت بالديناميات السياسية والاجتماعية الجديدة، فإن اعتماد إستراتيجية وطنية لتدبير إدماج المهاجرين اللاجئين شكل محورا رئيسيا في مداخلة ممثل الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج و شؤون الهجرة المهدي منشد.
حيث تطرق إلى مجمل التراكمات التي راكمتها المصالح المختصة التابعة للوزارة ولمؤسسات أخرى في إطار التنسيق بينها من أجل الاستجابة الفورية لمطالب المهاجرين خاصة الوافدين من جنوب الصحراء.
وذكر محمد الموساوي بتجارب المهاجرين بفرنسا وبالتحولات التي باتت تعيشها و ما يتطلب ذلك من حقوق المواطنة الكاملة، بينما تحدث حميد بشري عن مشاكل المهاجرين المغاربة بإيطاليا و نسبة الايطاليين الذين بدؤوا يستقرون في بعض المدن كالدار البيضاء و آسفي.
وفي هذا السياق، تتحدث وزير الشغل و الشؤون الاجتماعية عن الاستثمارات التي بات يجلبها المغرب لإنعاش اقتصاده و ذلك من المشرق و من آسيا على وجه الخصوص، و أن مستقبل المغرب هو كذلك في جذور الإفريقية و ذلك لاعتبارات حضرية و جغرافية.
وختم أستاذ السوسيولوجيا عبد الفتاح الزين كلامه بالمزيد من البحث و الدراسة في موضوع الهجرات و موقع المغرب في خريطتها مستقبلا.