كيف يتشظى حزب الإتحاد الاشتراكي وسَط مشاعر الحقد بين قادته؟


زنقة 20 . وكالات

لم تنته بنهاية العام 2014 متاعب حزب الاتحاد الاشتراكي الذي ملأ سماء المغرب بمواقف واصطفافاته. ولن يحتفل محبي هذا الحزب ومريديه وقادته بانتهاء الأزمات المتتالية، والتي لم تزدد مع توالي الشهور والايام إلا استفحالا.

ويقول محللون إنه "لا فرامل الحكمة كبحت الاندحار، ولا ردود فعل رئيس الحزب إدريس لشكر استطاعت التغلب على الصراعات".

في ديسمبر/كانون الأول من العام 2012، انعقد المؤتمر التاسع لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وسالت وديان من السخط على جنبات المؤتمر فجرفت الباقي مما أسسه الرواد.

والآن يمر عامان على انتخاب القيادة الحالية ولا شيء تحقق سوى المزيد من الغضب والكثير من الاندحار والقليل من التساكن.

ويقول مراقبون لنشاط الحزب إن تدفق مشاعر الغضب والحقد وتبادل الاتهامات قد ازداد بشكل رهيب، وابتعد من وجد نفسه قليل الحيلة في إصلاح الوضع، أو على الأقل وقف النزيف. وبسرعة الصوت، انحدر الحزب الذي حكم بعد سنين من المعارضة، ثم عاد لكراسيها عام 2012.

وبعد عامين على اختيار القيادة الحالية مع ما رافق عملية الانتخاب من جدل واتهامات متبادلة ومقاطعة من رموز، فقد الاتحاديون المبادرة على احتواء الاستقطابات داخل حزبهم. وقد يكون قادة الاتحاد الاشتراكي فقدوا معظم قدراتهم على اتخاذ القرار الأنسب في إنهاء كل المعارك الوهمية إلى حد أن القواعد ربما اختلط عليها الأمر فلم تعد تستبين ما يمكن فعله.

ويقول محللون إن الرهان على الاتحاد الاشتراكي، في سباق الخمس سنوات الأخرى المقبلة بعد انتخابات 2015/2016، المحلية والبرلمانية، ربما سيكون رهانا على حصان فقد قدرته على السباق.

ولا يختلف اثنان في المغرب على تفكك الحزب، إذ استباحت سياسة الإقصاء الحزب بهياكله، ولم يبق الاختلاف ممكنا إلا في الحدود التي لا تهدد منصب قيادة الحزب.

بعد المؤتمر التاسع أضحى إدريس لشكر رئيسا للحزب بلا منازع. لكنه اختار إقصاء كل من ينازعه في الأمر، ليلقي به خارج البيت الذي لم يعد سقفه يتسع للقامات.

وأمام ما يحدث صار المتعاطفون أو المناضلون أو الخصوم يتحدثون لغة واحدة، مؤكدين "أن الاتحاد الاشتراكي بدأ ينقرض عمليا".

وتداول كل المتنافسين على مركز قيادة الحزب أثناء المؤتمر التاسع لازمة "إعادة بناء الاتحاد الاشتراكي".

ويقول محللون إن إعادة البناء لا تكون إلا مع هيكل انهدمت أركانه أو جزء منها. لذلك فقد أن هذا الكلام كان فقط للاستهلاك الانتخابي. وما وقع بعد جلوس الرئيس الجديد على كرسي الكتابة الأول واستفراده بكل شيء، أكد أن إعادة البناء تحتاج إلى أكثر من المعول.. تحتاج إلى مهندس حقيقي.

وبعد 2012 لم يعد حال الحزب يسر.

فقد بدأت أوراق وردته تتساقط واحدة واحدة. ورئيسه الحالي الذي حصد اكبر نسبة من الغضب والغصاصة داخل مؤسسته وخارجها، كان يردد في كل فرصة سانحة وبكل الوسائل المتاحة، بأن حزبه أخطأ بدخوله إلى الحكومة، وأن موقعه الطبيعي يوجد في المعارضة.

لكن قبل ذلك وعندما عندما استوزر في 2010 لم يقل ولا كلمة واحدة.

ويعتبر رئيس الحزب آلة من الآلات التنظيمية التي تتحرك بقوة داخل الاتحاد الاشتراكي. وقد نجح لأنه يمتلك امتدادات تنظيمية وولاءات حزبية عبر المناطق والجهات، لكن هل الرهان على هذه الآلة يمكنه أن ينقذ الحزب من الانزلاق الكبير إلى عالم النسيان؟

سئل رئيس الحزب، عن قمعه لحرية أعضاء حزبه في التعبير عن رأيهم، فأجاب أنه مع الاختلاف ومع حرية الانتقاد والتعبير ولكن داخل الحزب، وليس عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، رغم أن حرية التعبير سقفها مكفول دستوريا في المغرب وبكل الوسائل.

وقال "نحن في الاتحاد الاشتراكي لم نصدر ولو قرارا واحدا بطرد أي مناضل في الحزب، لأننا نعتبر أن الاتحاد الاشتراكي يسع الجميع، وبأن بناء مؤسسة الحزب تتطلب منا الصبر وتحمل الآخر"، لكنه عمل عكس ما قاله وطرد المجموعة التي عارضته ولم يتسع صدره لانتقاد تدبيره للحزب.

ويقول ملاحظون إن البعض كان يرى في انتخاب الرئيس الحالي للحزب بداية نهاية أزمة الحزب وتدبير الاختلاف بتنزيل المبادئ التي نادى بها الحزب، لكن لا شيء من هذا تحقق بل تفاقمت بالطرد والاستقالات والخصومات والكيد المستمر.

وفي المؤتمر التاسع للاتحاد الاشتراكي خطب رئيسه السابق، مشددا على "اقتناع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بتقوية الديمقراطية والحكامة الجيدة وتخليق الحياة العامة ومحاربة اقتصاد الريع والامتيازات"، لكن الرئيس الحالي خلق الاستثناء باستثنائه روح الديمقراطية ناهيك عن تقويتها. وبمجرد جلوسه على كرسي الرئاسة شرع في عزل المناهضين والمعارضين والمختلفين معه وعليه.

وفي نفس المؤتمر، عبر احد المرشحين الكبار لمنصب قيادة الحزب أن الاتحاد الاشتراكي حزب ديمقراطي حداثي اشتراكي.

وقال إن "الديمقراطية بالنسبة إلينا كاتحاديين هي الحوار والنقاش وقبول الأخر والتنازلات المتبادلة والأخذ بآراء الآخرين والبحث عن الاتفاقات والتي دائما ما تكون مؤقتة لأنه ليس هناك اتفاق دائم".

لكن عبد الرحمان العمراني عضو لجنة التحكيم والأخلاقيات في الحزب أقدم على الاستقالة وهو يقول "أتقدم باستقالتي من عضوية لجنة التحكيم والأخلاقيات، تعبيرا عن رفضي تحويل الأجهزة الحزبية إلى مؤسسات صورية أو واجهات شكلية".

واستقال العمراني من اللجنة وهو غاضب بشدة على "الطريقة التي تم بها اتخاذ قرارات التوقيف من طرف المكتب السياسي في حق كل من احمد رضا الشامي وعبد العالي دومو". وبعد كل الحوادث المؤسفة المتوالية داخل الحزب الذي أصبح يعيش على وقع "أجواء من التهييج والتصعيد أصبح فيها اللجوء إلى محاكمة النوايا هو قاعدة السلوك المعتمدة عوضا عن التمحيص في الوقائع بهدوء وموضوعية".

ويقول محللون عن "الكل (في المغرب) بات يعرف أن الاتحاد الاشراكي في أزمة. أزمة قيادة بالدرجة الأولى، وأزمة فكر وأزمة ضمير".

ويضيف هؤلاء ان "الأرضية التوجيهية للحزب كانت قد أشارت إلى هذه المعضلة في سنة 2012".

ويعرف الحزب الاتحاد الاشتراكي أزمة تنظيمية غير مسبوقة بعدما تفرغت قياداته وأطره للاحتراب الداخلي، ولا يمكن اتهام الأيادي الخارجية إلى ما آل إليه الحزب. فالمعروف أن الأصابع الخفية تعبث مع من انتصر للولاءات العابرة.

ويعلق يعض المراقبين على هذا الوضع الذي وصل اليه الحزب قائلين "قبل المطالبة بتحقيق المواطنة والقوانين العادلة والديمقراطية والحرية خارج جدران الحزب العتيد. لابد للقائمين عليه أن يفعلوا دينامية حقيقية بتشبيب الفكر قبل السن، واحترام تعدد الآراء وتبادل الأفكار".

ويضيف هؤلاء "نلح عليهم باستمالة الكفاءات وتحيين المسؤولية والشفافية والمحاسبة. فالحزب لن يعيش فقط على التصادم الخارجي مع المنافس والمخاصم، وتصفيق الموالين وطرد المخالفين، والنضج الديمقراطي للاتحاد الاشتراكي يتحقق بالتعبير عن الرفض بحرية وإغناء الحوار وتكريس التناوب بالقضاء على السلطوية".









0 تعليق ل كيف يتشظى حزب الإتحاد الاشتراكي وسَط مشاعر الحقد بين قادته؟

أضف تعليق


البحث في الأرشيف

البحث بالتاريخ
البحث بالصنيفات
البحث في الموقع

البوم : صور