قطع الوقود المُهرب .. فقر جزائري على الحدود و أزمة في المغرب
زنقة 20 . وكالات
يبدو أن أزمة الوقود في المغرب بعد قرار الجزائر التضييق على حركة المهربين عبر الحدود بين البلدين، لاتزال تلقي بتداعيات كبيرة على الشارع المغربي، الذي اكتشف الدور الكبير الذي كانت تلعبه عمليات تهريب الوقود الجزائري على الكثير من نواحي الحياة في المملكة و الجزائر على حد سواء.
فقد كشف تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية أن الاقتصاد المغربي كان يعتمد بصورة كبيرة على الوقود الجزائري، الذي كان قبل ثلاثة أشهر يصل بكميات معتبرة من الجانب الآخر للحدود بصورة غير شرعية منذ غلق الحدود رسميا عام 1994، لكن الأمر تغير كليا منذ شهر جوان الماضي الذي شهد تعزيزات الجيش والأمن في الجزائر إجراءاته ضد المهربين، حيث صرح مواطن مغربي يقيم قرب المنطقة الحدودية أنه "لم يشاهد أي مركبة للمهربين تعبر المنطقة منذ ذلك الحين".
واعتبر التقرير أن الحياة اليومية للسكان على طرفي الحدود كانت تعتمد أساسا على نشاطات التهريب، حيث توجد الكثير من العائلات التي انقسمت بين الجزائر والمغرب وتربطها علاقات قرابة قوية نشاطها الرئيسي هو التهريب، وخاصة المواد الطاقوية التي تشهد إقبالا كبيرا من طرف المغاربة الذين يعانون من ندرتها وغلاء أسعارها في السوق المحلية، حيث تصطف مئات سيارات تهريب الوقود "عاطلة" عن العمل يوميا على مقربة من أبواب منازل عائلات جزائرية، بعد قطع الجزائر لتهريب الوقود، مما يُندر بكارثة اجتماعية وسط العائلات الجزائرية الواقعة على الحدود.
لكن الخسائر الكبيرة التي يتكبدها الاقتصاد الوطني التي بلغت 1.3 مليار دولار سنويا حسب إحصائيات وزارة الطاقة، وهي قيمة كمية الوقود الصالحة لتشغيل 600 ألف سيارة، جعلت السلطات الجزائرية تتخذ إجراءات حازمة ضد ظاهر التهريب، ومنع نشاطات الشبكات التي تجني أموالا طائلة من هذه التجارة التي ازدهرت نظرا إلى الفارق الكبير في تسعيرة الوقود الذي يحتاجه سائقو المركبات، حيث يصل ثمنه في المغرب أكثر من 5 أضعاف ما يباع في الجزائر البلد الغني بالثروات الطاقوية.
لكن رغم ندرة نشاطات التهريب إلا أن التقرير كشف أنه لم يتم القضاء عليه بصورة نهائية، حيث كشف مهرب قرب معبر الحدود المغلق المسمى "زوج بغال"، أنه يتنقل في طرفي الحدود حوالي 3 مرات أسبوعيا يحمل معه ما يقارب الطن من الوقود في سيارته.
هذا النقص في المواد الطاقوية المهربة التي "أدمن" عليها الاقتصاد المغربي، كانت له "نتائج مؤلمة" على المواطنين، حيث ارتفعت أسعار المواد الطاقوية ما بين 20 و30 بالمائة، وبالخصوص على سائقي التاكسي الذين أكد بعضهم "أنهم أصبحوا يكافحون من أجل البقاء"، وهو المشكل الذي حاولت السلطات المغريبة احتواءه عبر إمداد المناطق التي تعاني نقصا في هذه المواد بحوالي 700 طن من الوقود يوميا، لكنها تبقى كمية ضئيلة جدا مقارنة مع الكميات الضخمة من الوقود التي كانت تصل من الجزائر قبل تشديد إجراءات ضبط الحدود.
وأكد احد المهربين المغاربة أن الجيش الجزائري أصبح أكثر صرامة في تعامله معهم، حيث صرح أن "الجيش الجزائري أصبح لا يتردد في إطلاق النار عليهم، وقتل بعضهم وهم يحاولون نقل كميات من الوقود إلى الطرف الآخر من الحدود".
لكنه أكد أن المهربين تحولوا من تهريب الوقود الذي يتطلب مركبات يتم اكتشافها إلى تهريب البشر عبر الحدود في إطار الهجرة غير الشرعية، ويتحصل على ما مقداره 300 درهم مغربي على كل شخص يمرره.
هذا الوضع المتأزم نتيجة مشكلة الوقود دفع بعضو البرلمان المغربي عبد العزيز أفتاتي إلى المطالبة بضرورة تحسين العلاقة مع الجزائر، معتبرا أن التعاون والشراكة بين البلدين ضرورية مهما كانت الاختلافات.