عادل أربعي

avatar

الولاء للوطن لا الأشخاص

حينما كنت أرى منازل الضواحي بمدينة شيكاغو الامريكية، تعلو أبوابها أعلام الولايات المتحدة، تخيل لي وكأن هؤلاء حمقى، و تارة اعتبرت داك الفعل، بمثابة حملة انتخابية، بتفكيري السادج، وتارة اخرى، أجسده تعبير غريب بينما نحن لا نجد علم وطننا سوى فوق أبواب الادارات العمومية و السجون و مراكز الأمن.

أما و أن تجد علم البلد يرفرف فوق أبواب المنازل فداك أمر قد يثير الاستغراب في بلد، كبلدنا المغرب.

تصوروا أن تضع أنت و أنا و جارنا أعلام الوطن ترفرف فوق أبواب منازلنا مثل الصورة أسفله، وما سيكون رد فعل السلطة؟، طبعاً التحقيق، و التهم بشتى أنواعها، ان لم يصل الحد الى اتهامك باهانة العلم الوطني أن انتحال صفة "ادارة عمومية".

كل ما رأيته، ليس سوى تجسيد بسيط و دروس عظيمة لما يسميه الأمريكيون "الولاء للوطن"، لأن الوطن يبقى خالداً، و الأشخاص تدهب و يأتي أخرون. الوطن دائماً كان موحد الشعب الأمريكي، و لم يسبق أن قدم أحد من التركيبات العرقية العديدة للأمريكيين ولائه لرئيس بلد، سوى منحه صوته، لتولي القيادة و خدمة الشعب.

هناك في أمريكا، المواطن الأمريكي، أرقى الشعوب بدون نفاق، أودَدُهم و أكثرهم احتراماً للأجانب بدون تملق. أروعهم و أفضلهم احتراماً للأجنبي. هناك لا ولم أرى قط مصطلح يُسمى العنصرية، أو شاهدت شيئاً يوحي عليه، سوى في الأفلام المضللة و الاعلام العربي المُتباكي و طبعاً قصص "نضريات المؤامرة" التي نتقنها. أقول ما رأيته و عشته، و ما قارنته به من شعوب سبق أن زرتها و عايشتها من أوربا الى أفريقيا.

هناك في أمريكا، المواطن في الدرجة الأولى، ثم الدستور بعده و ليس العكس. ستقولون أنني أحمق أو أسرد خرافات، الحقيقة أن المواطن في تلك البلاد، أسمى من أي قانون أو وثيقة دستورية، أولا لأن الدستور يعطي المواطن السمو أولا و أخيراً، حيث أول جملة فيه "نحن الشعب". ثانياً، المواطن الأمريكي، يسمو فوق القوانين و الدساتير الكونية، حين يتعلق الأمر بتهديد حياته أو تعريضه للخطر، فوطنه يُقيم الدنيا و يُقعدها و يُلغي جميع دساتير العالم قبل أن يحيا المواطن الأمريكي المعرض للخطر.

هناك في أمريكا، المواطن يثق ثقة عمياء في الاعلام، عمياء، لأنه يرى، و يثق في ما يرى، لأنه لا يرى ما لا يُريد رؤيته، بل يرى ما يدفع لأجل رؤيته. فالاعلام الأمريكي، يمكن أن يدفع شركة عملاقة كماكدونالس مثلا، للافلاس، ان بث شريطاً واحداً يُثبت فيه للمواطن الامريكي فساد المأكول الأشهر لديه. لسبب بسيط جداً، الأمريكي يدفع ماله لوسائل الاعلام التي يثق بها، الى أن يثبت العكس. كما يمكن أيضاً أن يحمل هدا الاعلام شخصاً بئيساً مثل "أوباما" ليكون رئيساً لأعظم بلد في العالم، يُثبت للمواطن الامريكي، أن داك الشخص أجدر بألاف الحجج، وليس بانتمائه لسلالة أو عائلة مرموقة.

ما ان تحط الرحال في بلدان النفاق، حتى تسمع ما لم تكن تحلم به من أغاني الولاءات لداك الملك أو الرئيس و الهتاف بحياته و الدعوة له بالمكوث ألف عام في الحكم فوق رقبة العباد، في تجسيد لفرعونية عقلية القطيع، و لا تجد بين شاشات التلفزيون سوى سموهم و جلالتهم و سعادتهم و أقربائهم.

الولاء للوطن، هو الدائم أما الولاء للأشخاص فهو نفاق، ينتهي برحيل الشخص، فينتهي النفاق، أما الوطن فيبقى فينا ونبقى فيه نحن، و يبقى للأبد.









2 تعليق ل الولاء للوطن لا الأشخاص

  1. قل بغيت تقول راه مشيت ل شيكاكو و السلام و بلا فلسفة

  2. عودة الوعي الوطني المغربي الى ذاته لا يمكن لاي مغربي حر و اصيل ان ينفي مجهوات الملك محمد السادس حفظه الله على مستوى تحديث البنية التحتية و المادية للمغرب المعاصر، كما انه ما فتئ يسعى الى الدفاع عن المصالح الحيوية للبلاد. غير ان السيد رئيس الحكومة المحترم يهيم في واد جماهيرية رابعة و شعبوية الرغيف مخافة الاصطدام بقواعد الكثل الانتخابية. و لذلك ما فتئء يدغدغ مشاعر الحركات الاسلامية برمتها في المغرب، بحيث شكلت مظاهرة الاحد التضامنية مع ضحايا حق الاخوان الالهي في الحكم في مصر كل المكونات الاسلامية فإذا كان الموقف الرسمي يدافع عن مصالحه الاسترتيجية بخلاف الموقف الايديلوجي فإن هيجل حركة الاصلاح و التوحيد، الفقيه المقاصدية الريسوني مافتئ يكرر غزاوته البئيسة وهجوماته الهلامية على الامارات العربية الشقيقة والعربية السعودية بحكم دعمهم لخارطة الطريق، و التي لاتعني انقلابا عسكريا في نظرنا لان الجيش لم يتسلط على الحكم بالقوة و انما الشعب سحب الثقة من اصحاب الحق الالهي في الحكم و السلطة. وفي سياق سقوط الاسلام السياسي نراهن في المغرب اليوم على خطاب مدني تعاقدي قوي لا يستغل الدين في السياسة، و يعتمد الكفاءات الحية القادرة على الدفاع عن المصالح العليا للبلاد و جلب الترواث لا كفاءات الولاءات العقائدية او الطائفية الضيقة أو كفاءات الخضوع و الامتثثال للشيوخ القدامة و التزمت الديني، لا نريد شبابا مغربيا يولى ظهره للبلد الام و يولي وجهه نحو تركيا او ايران او الحركة العالمية للاخوان للاستقواء على الوطن الام، نريد اجيالا شرسة في غيرتها و ارتباطها بالمغرب، تدافع بقوة عن المصالح الاسترتيجية للبلاد بدل الخضوع لاجندة دعم الاخوان الخارجي، ذلك أن الوطنية الحقة في نظر العاهل المغربي، هي أن يسعى الإنسان قدر جهده لجلب الخير العميم لوطنه و دفع الضرر عنه بمقتضى العقل و الحكمة و الشرع و القانون.. وسوف نعمل بجد فكري وفعالية ثقافية للحد مما قال عنه الاستاذ صلاح الوديع "إن منطقهم ينبني على التطويق التدريجي للملك عن طريق اتهامه بفساد البطانة والرغبة في الاستحواذ، وعن طريق الاستقواء برأي عام معبأ على الطريقة الشعبوية، ومن ثمة يظهرون بمظهر "الوصي على الاختيار الديمقراطي. ولذلك فنحن نتقاسم دعوة الملك المناضل الوطني في تصوره للعمل الديبلوماسي عندما يقول: (ضرورة العمل من أجل حماية المصالح العليا للبلاد دون إغفال ما يقتضيه ذلك من تعزيز وتقوية للعلاقات الدولية وترويج "نموذج المغرب" الذي سيمكن بلادنا تعزيز علاقاتها مع الشركاء وبناء شراكات جديدة من شأنها بعث مزيد من الحيوية في الاقتصاد الوطني)

أضف تعليق

البحث في الأرشيف

البحث بالتاريخ
البحث بالصنيفات
البحث في الموقع

البوم : صور