الشعبُ العجيب
عادل أربعي
* المغاربة شعب مجبولٌ على العطاء، لذلك فالمغربي يُمكنه أن يُعطيك معطفه في جو قارس مُقابل مَنحِهِ كلمة إثراء جميلة.
* المغاربة شعب ذكي، لذلك فالنادل يتعمد إرجاعك ما تبقى عن فاتورة مشروب نقداُ بتثاقل، فيحتفظ بحصته قبل إعطائك حصتك.
* المغاربة شعب يُحب بمشاعره، لذلك فقصص الحب وأبيات الغزل لا تستهويه كما تستهويه أركان النهر الخالية والبحر المترامية لصقل مواهب العشق والغرام.
* المغاربة شعب كريم، لذلك ما إن تتذوق شيئاً مُهدى لك باليد اليمنى، حتى تنتشل أخر سنتيم يقبع في جيبك باليد اليُسرى.
* المغاربة شعب يقبل بالواقع، لذلك فالفساد بِرْكَة قاتمة يقفز من فوقها دائماً دون الوقوف يوماً لإيجاد حل لها، حتى أصبح المجتمع فاسد والفساد مُجتمع.
* في المغرب تستطيع أن تكون مالك هكتارات من الأراضي والضيعات دون أن تكون صاحب ملكية أو ميراث، يكفي أن تغتصبها عُنوة وتستدعي شهداء زور لتكون الملياردير الجديد في هذا الوطن، وليذهب الفلاحون الصغار إلى الجحيم.
* في المغرب فقط تستطيع أن تجعل سكيراً يُساهم في بناء مسجد بينما هو في حانة أو مُحتسياً كأساً على حافة وادي، فيما أصبح يستحيل جمع مبلغ شراء كبش عيد لأرملة من داخل مسجد.
* المغربي سهل الذوبان، يكفي إعطاء يد مساعدة أو إجابة عجوز عن تساؤل، لتبدأ أسئلة التعارف، التي تبدأ باللإسم وتنتهي بتبليغ السلام للأم.
* في المغرب لا تستطيع تعداد الشحاتين، بينما الشحاتين يَعُدُون يومياً مداخيلهم النقدية و"زبائنهم" الجدد.
* في المغرب تستطيع أن تجعل شرطياً يتساهل في مُعاقبتك على مُخالفة، يكفي أن تلومه لوقوفه الدائم وسط الطريق بينما رؤساؤه يقفون على شرفات الفيلات وسلاسل "البنغالو" بشواطئ المتوسط والأطلسي.
* في المغرب تستطيع أن تتوصل في ظرف قياسي برسالة جواب من الديوان الملكي إن كنت قاطنا بالخارج، ويستحيل أن تتوصل بمثلها إن كنت قاطنا بالمغرب.
* في المغرب ترى أمور غريبة، ترى مغاربة يتعاطفون بالرباط مع غزة وسوريا، ولا ترى تظاهرات تعاطف مع ضحايا المُطالبين بالعدل والحرية بتنغير والريف وتغجيجت.
* شابات المغرب يستطعن بجمالهن الإيقاع بالشيطان نفسه، مغربية أوقعت ببرلسكوني وأخرى بجنرال بمدينة سبتة وأخريات بأمراء خليجيين.
* المغاربة شعب مُحَيِّر، يستنسخ أفلام هوليوود ويعرضها بأسواق شعبية تشبه كابل أو قندهار، وهي لم تخرج بأمريكا بعد، بينما نصف الشعب أمي لا يعرف الكتابة ولا القراءة.
* في المغرب الجميع يحلم بالهجرة، بينما القاطن بطنجة لا يعلم شيئا عن مراكش والذي بأكادير لا فكرة له عن الحسيمة، كما الذي بالبيضاء لا يملك أدنى فكرة عن وجدة.
* الشعب المغربي أطيب الشعوب، فما إن يحُل فرنسي بمراكش حتى يقبل رب أسرة بكاملها رمي نفسه خارج المدينة مُهدياً قصراً تاريخياً لهذا الأشقر الجميل.
* الأحزاب المغربية أطيب الكائنات، فهي لا تمنع تبول الصحفيين اليومي فوق رؤوسها "المكشوفة"، بينما تقبل من يد مواطن فقير صوتا إنتخابيا بئيساً.
* في المغرب أيضاً، يُمكنك مُزاحمة قاضٍ مشهور على كؤوس ويسكي مثلجة، بينما في الغد تُزاحِمُ مُتهمين بالمحكمة أمام نفس القاضي.
* المغرب بلد التسامح، أينما ولّيتَ وجهك ترى الإكتظاظ، المساجد مُكتظة، المستشفيات مزدحمة، الحانات أكثر ازدحاماً، المقابر أعلنت ملئها مُنذ زمن.
* المغرب بلد الحرية، عبّر وآجهر وأكتب كما تشاء، لأن لا أحد سيُصغي إلى طلباتك ولا أحد سيكترث بما تقوله، بل وآخترع أسماء ومُرادفات أسماء تقزيمية من قبيل (عبيبيس، شطيطيح أو حتى البقرة الضاحكة...)فأنت في بلد الحرية، عليك فقط بالإبتعاد عن الملك.
* أنت في بلد الديموقراطية، أطلب الشغل وآنتظر، فأنت في بلد الإنتظار، وإن كُنت من المُسرعين للحصول على وظيفة ستكون أخر صيحة "السليخ" المستوردة من نصيبك أمام البرلمان.
