أسوأ سيناريو يمكن توقعه قد حدث، وأتفه رئيس حكومة كان الشعب لا يتمنى رؤيته قد حل زمانه.

من كان يعتقد أن "الفاسي" كان أضعف وزير أول في تاريخ المغرب فان "بنكيران" حطم كل الأرقام ليتقدم سجل التفاهة كأول رئيس حكومة تافه يعرفه المغرب.

الان على الشعب أن يعتذر لـ"الفاسي" الذي كان خنوعاً للقصر، نعم، لكنه لم يكن أبداً تافهاً وخنوعاً في نفس الوقت، كان كاذباً وهو بقبة البرلمان، بلباقة، لكنه لم يكن مُهرجاً وكاذباً في سيرك.

أتعس الشعوب نحن الأن، وبكل المقاييس، رهائن لرئيس حكومة ذليل، كذب على أتباعه الذين قال في حقهم في أخر مسائلة بمجلس النواب "أنهم لم يُصوتوا على حزبه من أجل الأرقام التي تطالب بها المعارضة بل لأشياء أخرى"، طبعاً صوتوا على شعار "المسجد" و"السبحة" وباقي رموز الدين التي استعملها "بنكيران" للعب على وتر دغدغة المشاعر لشعب عاطفي لدرجة الخنوع. استطاع اذاَ "بنكيران"، الايقاع بأتباعه من المقربين وهؤلاء استطاعوا الايقاع بأولئك المقربين منهم وهكذا دواليك، والدين كان واسطة طبعاً، في الخطاب كما في مناشير الحزب، أوهموا جميعاً بـ"محاربة الفساد والاستبداد"، شعار حزب "بنكيران" الانتخابي.

"ان الذكرى تنفع المؤمنين" .. ليس مقولة أو شعار حزبي، هي أية قرآنية صالحة لكل زمان ومكان .. فهل يستطيع أتباع "بنكيران" الذكرى الأن، الذين أمنوا به لدرجة الخنوع وشاركوا في مهزلة الانتخابات التي تم رهن الشعب بموجبها في سجن كبير، فقط ان كانوا مؤمنين؟ فلو استطاعوا ذلك، سيكونون بلا شك أول من سيبصق في وجه "بنكيران".

هل يتذكر أتباع "بنكيران" كيف كان يتحدث اليهم وهو يُهاجم أسياده الحاليين في القصر، بل وكيف كان بلسانه الطويل يُحذر الملك نفسه بلهيب الربيع العربي؟ ما قول هؤلاء في من لا يحترم كلامه، ولا ينفذ وعده، ولا يعتذر للشعب؟.

لقد تبخر "بنكيران" الذي تقمص شخصية "غيفارا" حين خاطب الملك بأسلوب هجومي، يستغرب الكل هل هو نفسه "بنكيران" الحالي أم مجرد سلسلة فكاهية، حين قال "لا أحد يقبل بالماجيدي والهمة"، بينما أصبح اليوم أول المصافحين للهمة وأول المستأذنين بمكتب "الماجيدي" ولقاء الملك الذي كان يحلم بالاقتراب منه قبل أن يُقرر الملك أخذ المبادرة والاقتراب منه، فبنكيران من اعترف على قناة الجزيرة "أنه رفقة أتباعه جاؤوا لحماية الملكية في زمن اسقاط رؤوس الحكام"، في الوقت الذي كانت رؤوسهم مطلوبة بعد أحداث البيضاء الارهابية.

"بنكيران اذاً ليس وحده المسؤول عن تفاهته وتعاستنا، بل القسط الأوفر من مسؤولية ارتفاع بارومتر تعاسة المغاربة يتحملها أتباعه والمقربين منهم، يتحملون اعطاء المغاربة أتفه مخلوق بينهم ليكون رئيس حكومة على الشعب في زمن الثورات.

اذا كان من فعل على أتباع "بنكيران" القيام به، فهو أن "يتذكروا" لأن الذكرى ستنفعهم، أولاً في كنس أذانهم من لعنة الخنوع والخضوع في تسليم أنفسهم لـ"لاغتصاب السياسي" باسم الدين، وثانياً من أجل الاعتذار للشعب المغربي الذي قاموا برهنه مرة أخرى للاستبداد والاذلال في عز تحرر الشعوب.